عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
كلمة في رئاسة الأمر بالمعروف
4250 مشاهدة
خطورة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ومتى ترك هذا الأمر وتركت هذه الوظيفة فإن العاقبة سيئة؛ لأن تركها يكون سببا لحلول البدع وانتشار المنكرات، وحصول الفواحش والمحرمات، وكثرة المعاصي؛ فيكون ذلك سببا للعقوبات التي تعم جميعهم.
في حديث أبي بكر الذي في السنن قال رضي الله عنه: أيها الناس إنكم تقرءون قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ( أوشك )؛ يعني أحرى، وقرب أن تعمهم العقوبة إذا رأوا المنكر وهم قادرون على أن يغيروه فتركوا تغييره، فإن هذا يكون سببا لعموم العقوبة أن يعمهم الله بعقاب من عنده، سيما إذا كانت المعاصي ظاهرة مشاهدة، فإن العقوبة عليها عامة.
وفي حديث آخر: إن المعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، وإذا ظهرت ولم تغير ضرت العامة ؛ يعني الذين يقدرون على أن يغيروا ولكنهم لم يغيروا. فيضرهم؛ يعني تنزل العقوبة بهم جميعا، وقد استُدِل على ذلك بقول الله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً أي تعمهم وتعم غيرهم؛ تعم الظالمين وتعم الساكتين.
ولا شك أن السكوت مع القدرة ومع التمكن من الإزالة يكون سببا في إقرار المنكر، ثم سبب في فشو المنكرات وكثرتها وتمكنها في المجتمعات الإسلامية، والعجز بعد ذلك عن السيطرة عليها والقضاء عليها؛ لأن المنكر إذا تسوهل فيه لأول الأمر فإن أهله يتمكنون، ثم يزيدون ويزيد شرهم إلى أن يصير لهم قوة ومنعة وتمكن فيصعب بعد ذلك إزالة هذا المنكر، وربما يصبح كما ورد في حديث غربة الدين يصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، وإذا غيرت البدعة قالوا: غيرت السنة، وهذا ظاهر كثيرا في هذه الأزمنة.
ولا شك أيضا أن عقوبة الله تعالى إذا نزلت تعم الصالح والطالح، وقد وردت أحاديث كثيرة وآيات فيها الحث على الأمر والنهي، والإلزام بترك المنكرات والمحرمات، وصف الله تعالى المؤمنين قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ قدم الأمر والنهي على الصلاة والزكاة، وهو دليل على مكانة هذه الوظيفة وأهميتها.